شخص كثُر الحديث عنه, وقلّ التعبير في وصفه, والحق يُقال, فالرجل أثار كثيراً من الجدال والسجال بسبب كمية وكيفية المشاريع النوعية التي أنجزها خلال أقل من عقدين من الزمن, فالرجل يعمل بخطى ثابتة, وبرهانٍ حاضر, وجواب مختصر, ولا يكترث لكل الشغب الذي يثار ضده, ربما لأن من وثق بنفسه لا يحتاج إلى مدح الآخرين, او لأن الثقة التي يمنحها الإنسان لنفسه تغنيه عن كل الآراء.
الرجل ذو النيف والستين عاماً يبدأ عمله في السابعة صباحاً – أو قبلها – في متابعة أعمال العتبة الحسينية المقدسة واللقاء بمسؤوليها وغيرهم, إضافة الى المتابعة الميدانية, ويبقى هكذا حتى صلاة الظهرين حيث يؤم المصلين في الصحن الحسيني المُطّهر, وبعدها يجلس ساعة لقضاء حوائج المؤمنين, ثم يعود إلى مكتبه لإكمال باقي أعماله ومتابعاته ولقاءاته حتى صلاة العشاءين, ثم يجلس ساعة أخرى لقضاء حوائج المؤمنين, يعود بعدها لمنزله لقراءة ومتابعة التقارير المرسلة إليه أو التي يطلبها, ويتابع بدقة أخبار العراق والعالم, ومن أبرز متابعاته هي أحدث الإصدارات والدراسات العلمية.
هذا الشخص الذي لا يحب الظهور الإعلامي, ولا يحب الحديث عن نفسه قدّم للعراق والعراقيين والعالم من بعد 2003 حتى اليوم ما يأتي:
أنشأ رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية والجامعات , ومن بينها جامعة الزهراء (ع) للبنات, أول جامعة نسائية في العراق, هذه الحواضر العلمية تستقبل آلاف الطلاب سنوياً, وإن الأيتام وذوي الدخل المحدود معفوّون من دفع التكاليف المالية.
أنشأ أكاديميات صحية ومراكز طبية ومستشفيات عامة وتخصصية, منها أكاديمية السبطين (ع) للتوحد واضطرابات النمو, والتي هي الأولى من نوعها في العراق, هذه المؤسسات الصحية تعالج آلاف المرضى سنويا, وكثير منهم مجاناً او بأجور مخففة.
أنشأ المراكز والمؤسسات العلمية والتخصصية بحيث تجاوزت إصداراتها العلمية أكثر من 1000 عنوان موزعة ما بين موسوعة وكتاب ومجلة ثقافية عامة أو علمية محكّمة, وكثير من هذه المؤسسات هي الوحيدة في العراق أو في العالم.
أقام المهرجانات والمؤتمرات والندوات العلمية والأكاديمية على مدار السنة, وفي كل حفل علمي يقيمه يقدّم للعالم نموذجاً حضارياً يُحتذى به.
أنشأ المصانع والمعامل والمطابع التي تنتج منتجات ذات جودة عالية وبأسعار أقل من سواها, وخير شاهد على ذلك مطبعة الوارث التي طبعت المناهج الدراسية العراقية بجودة عالية وبأسعار أقل من نصف سعرها خارج العراق.
أنشأ المزارع الكثيرة وبمختلف الأصناف لسد حاجة السوق العراقية من الإستيراد, منها مزرعة فدك للتمور والتي هي الأولى من نوعها في العراق لاحتوائها على أنواع نادرة.
أنشأ مدن الزائرين والتي هي بحق منتجعات طبيعية ومنابر ثقافية وأماكن خدمية, منها مدينة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام للزائرين الواقعة ما بين النجف الأشرف وكربلاء المقدسة حيث تقدم خدماتها على مدار العام وخصوصاً في الزيارات المليونية.
أما في الزيارات المليونية في كربلاء المقدسة وغيرها فإنه ينشر رجاله على طول الطرق المؤدية إلى الإمام عليه السلام ليقدموا خدماتهم للزائرين على مدار الساعة.
وإذا ما وَجَدَ نقصاً او خللاً في مكان ما في العراق أرسل رجاله لسد النقص أو لتصحيحه, فلا يعودون إلا والنجاح حليفهم.
هذا مختصرٌ لمشاريعَ مليئةٍ بالتفاصيل, أنجزها رجل يحمل نشاط الشباب وحكمة الشيوخ, يعمل بلا ملل, ويستمر بلا كلل, لا توجد في بؤرة اهتماماته إلا بناء الإنسان وتقديم الخدمات له.
هذه المشاريع التي لم تتوقف كانت سبباً رئيسياً في تشغيل آلاف العراقيين, وكانت سبباً رئيسياً في معيشة آلاف العوائل العراقية … بعد هذا هل من المنطقي أن يُكال له بمكيالين…؟
انتظرونا في المقالة القادمة عن ناجح آخر من رجال السيد السيستاني دام ظله.
كاظم الخرسان
- سيعجبك أيضاً