جلوس في حضرة المجلسي
تُرجعني الذكريات الى أواسط تسعينات القرن الماضي حيث بداية معرفتي بالشيخ #المجلسي قدس سره من خلال تحفته الكبيرة #بحار_الأنوار التي كنت وما زلت أنهل من عذب فراتها وكنت كثيرا ما أمنّي النفس بالجلوس بين يدي قبره مستلهما ومتعلما وقد تحققت هذه الامنية قبل فترة ووردت هذه الخاطرة فأحببت مشاركتها.
أصبحتُ في يوم السبت على أنغام دقات قلبي المتراقصة شوقا للقاء المجلسي فبادرت بالنهوض مسرعا تارة ومتسارعا أخرى حتى وصلت الى حيث مرقده.
كانت الأحجار المتراصفة في أرضية الجامع الكبير والمؤدية الى قبره وكأنها سبائك فضة وهي تستقبل أشعة الشمس, حتى الهواء كانت لفحاته ليست بتلك البرودة المعهودة في شتاء أصفهان فكنت استشعر الدفئ فيه, ولزقزقة العصافير طابع خاص رغم أنها منتشرة في كل مكان تقريباً, ولم تكن خطوات الزائرين الى مرقده تُسمِع من قبلها او بعدها فهي تسير بقدسية وبنسق واحد, حتى أن السائحين تجد عليهم مسحة الخشوع, لم تشغلني باحة المسجد كثيرا رغم كل الفن المعماري الذي تحتويه في جدرانها وعلى أبوابها فلم أنظر اليها كثيرا حتى وصلنا الى الزقاق المؤدي الى قبره فلم أعد أشعر بنفسي الا وانا مرتم على شباكه الطاهر لأكون في زمن مقتطع من الزمن او في مكان لا يحتويه مكان جالت بي الأفكار وهاجت بي الأحاسيس وصرت اسبح في (بحار الأنوار) من السماء والعالم حتى الوصي الخاتم كنت أرى بـ (مرآة العقول) لأعيش (حياة القلوب) مستعينا بـ (ملاذ الأخيار) في معرفة (عين الحياة) إذ لا يمكن التحلّي بـ (حلية المتقين) مالم أتزود بـ (زاد المعاد) وهكذا مضت الدقائق وكأنها (ربيع الأسابيع) ورغم قلّتها فهي (جلاء العيون) و (حق اليقين) وكثيرة هي الكتب وأكثر منها العِبر فلم استطع البقاء أكثر من ذلك لضيق الوقت وكثرة المشاغل فخرجت متعلما مركّزا على (الاعتقادات) فهي النجاة ولا نجاة غيرها
كاظم الخرسان