تعود بي الأيام الى حيث الحسن حيث كل شيء حسن
حيث دروب البقيع الغرقد تحكي قصة إشعاع أقدامه المباركة.
وقفت قبل سنة من الآن استذكر تاريخ أجدادي في مدينة طيبة…
أسرعت الخطى, أسابق الريح, حتى وصلت الى منظر تشع منه القبة الخضراء.
وقفت… لم اعد أستطع التقدم… حملقت كثيراً فتحت عيني بكل وسعها… ترغب حدقاتي باحتضان هذه القبة تمتمت بكلمات لم يفهمها سواي!
ثم دخلت الى روضة من رياض الجنة لا أنظر الا اليه حتى قاربت حدوده فأوقفني زبانية من جهنم على أبواب الجنة بحجة الشرك بالله!
فتلوت ما شاء القلب من ذكر السماء وتركت لعيني اللجام فراحت تصهل فرحا وحزنا, وبعد ان هدأت نفسي وسكنت لرؤية الجد الاكبر صلى الله عليه وآله وسلم رحت أنظر في كل مكان ادقق النظر في كل تفاصيله ترى أين قبر أمي هل (بين قبري ومنبري) أم تراها وٌسِدت قرب قبر أبيها أم لعلها تحتضن ولدها البكر في البقيع الغرقد.
التفت اليّ من كان معي قائلا ما بك؟
قلت أبحث عن أمي الموجودة مع كل نسمة عذبة…
فطأطأ رأسه قائلا لنذهب الى البقيع …
فودعت جدي الأكبر على أمل اللقاء به في القريب العاجل فأنا في ضيافته ولا أريد أن أشغل نفسي بسواه.
ذهبت ماشيا على جرف روحي وامواج قلبي تعصف بساحل دمعي أردت أن استعيد ذاكرتي عن مسوخ البشر وبقايا الانسانية فوجدتها ذاكرة مكفوفة فسلّمت أمري لله وتوكلت عليه ليُعينني على رؤية البقيع الغرقد.
وصلت… بدأت أعلو على سلالم البقيع… قاربت الدخول بأقدام ثقيلة ودقات قلب متسارعة حتى وصلت الى جمهرة من الناس تحدق النظر وقلوبهم بلغت التراق والتفت الساق بالساق وقيل من أراق ؟!
من أراق قبة النور على رمضاء الحجاز؟!
من حصد القباب من مزرعة الآخرة؟!
من سكب الفرحة في إناء البكاء؟!
أسئلة تكثر بحجم هول الرؤية وتنتثر بصوت أجش يأتي من قرب تلك الجمهرة (لا تشرك يا حاج!)
تصطف عندها كل شبهات الخصوم في حشد عسكري مهول فتتجمع المعلومات أمامي فأستذكر اجوبتها التي غُذيتُها من مدينة النجف الأشرف فأجد حشد خصوم سهل المؤنة هيّن الرد لا يأخذ من وقتي سوى دقائق صمت من هذا الحشد الغاصب ولكن انى لي بدقائق صمت وسط (ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج) فرافقت القلة الممدوحة وبقيت اتكلم بصمت عيوني الا من صراخ البكاء فتلوت ما حفظت مسبقا من زبور عشق الحسن ويا له من عشق.
فهذا الحسن الزكي السبط الاول والإمام الثاني ملهمي ومعلمي وسيدي ومولاي وذخري وذخيرتي في آخرتي ودنياي.
ثم انسحبت قدماي وتركت قلبي مرميا على تراب البقيع لم استطع اخذه من هناك فهو لم يكد يصبر حتى وجد محبوبه فكيف أجبره على الرحيل معي وحبه للبقيع لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين.
بقيت هكذا وهكذا بقيت في أجمل أسبوع من حياتي أدخل مسجد الحقيقة في كل يوم مرات متكررة وأنتظر ساعة الفجر واخرى العصر حتى الج في جنة البقيع الغرقد.
ولما حان وقت الرحيل ضاقت بي المدينة برحبها وهرولت الى حيث القبة الخضراء في ظهر يوم لا يُنسى اخذت اعب الهواء خزنا في داخلي واشم ثرى طيبة وقودا لأملي ثم تركت قبلات حب في هواء المسجد قرب قبر الجد الأكبر صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم التفت الى قلبي مناديا الا تعود معي الى كربلاء حيث الحسين؟!
وكأني بتراب البقيع الغرقد تكلم بلسان الحسن:
لا يوم كيومك يا أبا عبد الله.
لا جعله الله آخر العهد بكم يا أولياء النعم
#كاظم_الخرسان